الخميس، 18 فبراير 2016

تشاد: فيديو زهورا من أروقة القضاء الي سوق السياسة


خلال متابعتي لمواقع التواصل الاجتماعي ، مررت على صفحة الرئيس التشادي ادريس ديبي في الفيس بوك ، ووقع عيني على بوست يعبر فيه عن مشاعره و باسلوب حزين رقيق ينم عن امر جلل قد وقع، البوست بالنسبة الي  تعبيرا عن روح القيادة و المسئولية الذي يتحلى به الرجل منذ ان تولى مقاليد الامور في تلك البلاد ذات تاريخ مثقل بالالام و الجروح، وتعبيراعن حرصه الشديد على احوال واهوال شعبه، فقلما نجد في عالمنا الثالث و الافريقي بالتحديد ان يتفاعل رئيس دولة بما يجرى في الشارع العام ويبدي راية فيما يشغل الناس وعبر وسائل التواصل وبهذه سرعة ، ذلك بالرغم ما يحمل المواقع من انتقادات و اساءات لا تعرف الحدود و لا القيود.  بلا شك ان مداخلة الرئيس عبر حسابه في الفيس بوك جعلنتي ابحث بشغف وراء السبب الذي دفعه ليقول" بما انني اب لاسرة، صدمت، حتى اضطرت لاول مرة ان اكتب على الفيس بوك ، للتعبير عن غضبي ازاء هذا العمل الشنيع  ، الحقير الذي ارتكبه ثلة من مجرمين في حق الشابه زهورا. ادين باشد العبارات هذا العمل، كما أؤكد لكل الفتيات و لكل الامهات وكل الشباب، باختصار لكل التشاديين ان العدالة ستجرى مجراها وان مثل هذا الحدث لا يتكرر ثانية ، انا اتفهم اوجاعكم،  و اشارككم الالم" . لاحقا اتضح لي  ان الامر يتعلق بمجموعة من الطلاب المراهقين من ابناء بعض المسئولين قاموا باختطاف زميلتهم في الدراسة ، تدعى زهره  وهي بنت 18 ربيعا وتم ممارسة بحقها عنف بدني ولفظي قاسيين..  وهناك روايتان حول الموضوع :الاولي تقول ( ان الشباب الغاضبون بسبب سب الفتاة لقبيلتهم  ، تناوبوا عليها بالاغتصاب و صوروها عارية ونشروا الفيديو على المواقع) اما الرواية الثانية :تقول ان الفتاة تم حبسها من قبل خاطفيها و تعريتها و تصويرها ثم نشر الصورة على المواقع الاسفيرية، وافادت الفتاة الي تلفزيون فرنس 24 – القسم الفرنسي قالت فيها ( انهم اخذوني الي مكان مجهول، هناك قاموا بنزع ملابسي و صوروني" http://www.france24.com/fr/20160217-victime-viol-collectif-tchad-zouhoura-temoignage-idriss-deby-video-reseaux- .  بقراة للخبر عبر منظار الحياد، لا يجد القارئ الا ان الموضوع برمتها لن تخرج من كونها قضية جنائية بحته يمكن ان تجد طريقها الي مضابط الشرطة و قاعات القضاء للبت فيها ، كما قال ديبي في مداخلته ( ان العدالة ستجري مجراها) ، اما ان يتم استغلال هذه القضية من قبل القيادات السياسية المعارضة لتأجيج نيران  القتنة القبلية و اذكاء النعرات الاثنية ، امر يثير الاستغراب و السخرية ..  وان طريقة التي يتداول بها الحدث تسئ الي الشعب التشادي اولا و اخيرا، و كأن المعارضة التشادية دخلت في سبات عميق لن تفق الا بعد فيديو زهورا، و كأنها لا تملك في يديها اي من الاوراق للضغط على الرئيس ديبي، غير اثارة مشاهد من افلام عنف ابطالها صبيه ثم عرضها في سوق مزايدات السياسية،   والاكثر ايلاما هو اتجاه البعض لاستغلال الحدث و جعله فرصة  للسب و اللعن  و استداء اقبح العبارات للإساءة الي قبيلة الرئيس، و لا نرى اي ربط بين الحادث و الاساءة الي قبيلته.. لان المجرون لا قبيلة لهم .. قبيلتهم الاجرام.... نعم الاجرام  فقط، فمن العيب استغلال هذه المناسبة والتجني على القبيلة ، و لا ننسى ان اي رئيس في العالم ينحدر من قبيلة، فهل يعقل مثلا لو حدث حالة اغتصاب في امريكا وهي كثيرة ان يسب  الشعب الامريكي قبيلة الكيكو القاطنة في كينيا لانها انجبت الرئيس الامريكي باراك اوباما؟ ما لكم كيف تحكمون؟

حسب بيان الشرطة و بعد اعتقال المراهقين الخمس و بهذه السرعة ، رغما من انهم ابناء الوزراء و الجنرالات، ثم ايداع المسالة على منضدة  القضاء يكفي الانتظار و متابعة النتائج  ، اما ما يقوم به بعض الاخوة من صب الزيت على النار، و دق طبول الحرب و التحريض للعنف و الفوضي، عليهم ان يتذكروا ان نعمة الامن و السلام و الطمأنينة التي يتمتعون بها اليوم يفتقده الكثيرين من جيارانهم، وان تشاد اليوم صار نموذج يحتذى بها في المنطقة كواحة للامن و الاستقرار و التسامح و التعايش لا ينبغي التفريط فيها ، كما لا يجب ان لا يفوت على التشاديين تفاصيل تاريخهم القريب .. كانت متلازمة العنف و القتل و التشريد و القمع و التنكيل و التوريع ..حتي جاء اليهم ادريس ديبي .. ليس "بذهب او فضة" و انما بالحرية ثمثلت في النظام الديموقراطي المعاش وهامش الحريات المتاحه  وما تمخض عنه من نمو  اقتصادي و ازدهار وتنمية مستدامة و طرق وجسور وتعليم و صحة حتى بدا علامات التغيير واضحا ليس على المسنوى المادي و البنايات بل على سلوك الانسان التشادي نفسه.

كما علىينا ان نعترف،  ان الرئيس ديبي قد فرض نفسه على العالم باسره من خلال رؤيته الثاقبة و نظرته الخاذقة و شجاعته النادرة،  جلب لنفسه ولبلاده احترام الاخرين على المستوى المحلي و الاقليمي و الدولي، وخير دليل على ما ذهبنا اليه هو ان الرئيس ديبي اليوم  صار رئيسا الاتحاد الافريقي و تشاد في عهده تقلد عضوا غير دائم في مجلس الامس الدولى 2013، وتبوأ ابناء هذا البلد مواقع قيادية وفيعة على مستوى الافريقي ونود ان نشير الي ان اليوم هناك تشادي يقود بعثة الامم المتحدة في مالي، بالاضافة الي ادوارها العسكرية المشهودة في اعادة الاستقرار في القارة السمراء من مالي الي افريقيا الوسطي وجهوده الكبيرة في محاربة الارهاب في الكمرون و نيجيريا ، كل هذه الاشياء يجب ان يجعل من الشعب التشادي يعرف مكانته بين الامم و ما ينتظرمنه من ادوار اخرى بدلا من الاهتمام بسفاسف الامور ،، نحن نشهد جرائم الاغتصاب يوما عبر التلفزيونات تقع في كل ثانية  وفي  اي مكان من العالم و لن تكن مثل هذه الجرائم يوما مدعاة للفوضي والتطرف فهي جرائم جنائية  تجد مكانها في اروقة المحاكم كما قالت زهورا " اريد ان تجري العدالة مجراها حتى لا يتكرر الحدث مرة ثانية".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق